آخر تحديث للموقع : الثلاثاء - 07 مايو 2024 - 05:33 ص

مقالات رياضية


* يا عارف يريمي: نريد التلال حيا..

الجمعة - 07 أبريل 2023 - الساعة 08:17 ص

محمد العولقي
الكاتب: محمد العولقي - ارشيف الكاتب


!

محمد العولقي

* في التلال قرص الشمس الأحمر يحتضر، أرضه قاحلة لا ينبت فيها أي زنبق، و ما تبقى له من ورود حمراء لا تغري الفراشات، زامر القعلة لا يطرب، الذكريات تنداح و لا أثر لشفق قادم في الأفق، أو قبس من غسق يبدد الليلة الظلماء المفتقد فيها لبدر التلال.
* أشفق كثيرا على جمهور نادي التلال، ففي خضم (الغاغة) الإدارية التي تعصف بالتلال، يحاول التلالي (خالد حداد) قيادة و توجيه حناجر التلال ليبقى هتاف زمان وصل العميد مدويا في المدرجات الحمراء : و الله يا تلال لما حبيتك حسدوني الناس، الرياضة فن و أخلاق و التلال فارس عملاق.
* جمهور التلال لا مثيل له في ملاعب ما كان يعرف بالجنوب و لا نظير له في ملاعب ما بات يعرف بالوحدة، فهو جمهور عاشق وفي و مخلص، يدفع من جيبه و من صحته، و دائما لحم أكتاف العميد من حناجر جمهور التلال.
* لكن العشق هذا الذي يغلف جمهور التلال عشق من نوع خاص، و حتى و إن تحول بفعل الظروف القاهرة التي تستوطن نادي التلال إلى مرض عضال، إلا أن هذا الجمهور يرفض أن تكون المرمطة في ملاعب عدن هي القاعدة و الاستثناء، و يرفض تماما أن يتحول التلال إلى حوار غير متكافئ بين قطعة جبن و سكين حاد.
* و عندما خسر التلال مباراته أمام تضامن شبوة في بطولة كأس المريسي الرمضانية، مغادرا البطولة مهزوما مكسور الوجدان من المحطة الأولى، كانت هذه الخسارة امتدادا طبيعيا لسنوات قحط كروي، أين هي من سنين يوسف و الملك أمنحوتب و زليخة.
* كان الأخ عارف يريمي رئيس نادي التلال يعتقد أن سفينة التلال ستسير وسط الأمواج العاتية بغير عجز باللاسلكي، لاسيما و أن الرئيس اختار من كل زوج اثنين في إدارة صورية تقدم على التقاط الصور أمام الكاميرات الديجيتل و الجولات بلياقة بدنية عالية، إنما عملها على أرض الواقع أخف من حبة خردل.
*و بين متواليات الهزائم و أسطوانة التبرير المشروخة، لم يستوعب رئيس نادي التلال أن الظل لن يستقيم و العود أعوج، بمعنى أنه حتى لو كان يمتلك مهارات (السوبر مان) الخارقة، فلن يعالج داء التلال المستفحل بالمعاينة بالواتس أو الفيس و بقية الأخوة من الرضاعة التكنولوجية، فالطبل عندما يكون في الرياض أو جدة تكون الرقصة العدنية نشازا و عشوائية غير منضبطة لا تنفع معها حنجرة (خالد حداد) لضبط ساعتها الرملية و لو استعانت حباله الصوتية بدبة عسل دوعني.
* الهزائم التي تتوالى على التلال من كل حدب و صوب من الكبير و النص نص طبيعية جدا، و هي انعكاس حقيقي لسياسة ترقيع (الخرقة) الحمراء بمطرز لا يمتلك أدوات التطريز من الداخل، فكيف سيكون الحال مع مطرزين من الخارج كل همهم الانشغال بغلة الأرقام القياسية المقلوبة نهجا و مستوى؟
* لقد اعتقد الفريق الإداري المناوب للأخ عارف يريمي أن مشكلة التلال مدرب جذاب سمعته زي الطبل، فسعى بكل ما أوتي من قوة للتوقيع مع الكابتن (قيس محمد صالح)، بينما الواقع أن مشكلة التلال و شر بليته في بيته و في مدرسته التي أغلقت أبوابها دون سبب منطقي، فكان التعويل على عملية استيراد عشوائية للاعبين أكثرهم لا يفرقون بين الألف و كوز الذرة كارثة عبثية أصابت التلال و سمعته و عشاقه في مقتل.
* هذا الفكر (الحواري) الذي تعاملت به الإدارة مع الفريق كان أقرب إلى خبط عشواء، فلا يليق بالتلال و تاريخيه و مكانته أن يصبح مثل سوق عكاظ، فيرهن سمعته بقدم اللاعب (النطيحة) و برأس اللاعب (المتردية)، و بفوضوية ما تبقى للسبع من فضلات.
* قد يقول عارف يريمي أو حتى الكابتن قيس الذي يركض خلف سراب إنجاز آني تلالي دون وعي إننا نعيش زمن الاحتراف، و التلال من حقه جلب محترفين مادام في حنفية التلال المال السائب القادر على ضخ الحيوية في أوصال فريق كرة القدم.
* هذا المنطق قد يبدو معقولا لو أننا نعيش وضعا طبيعيا يسمح بالتلقيح الاعتيادي، لكن أي احتراف؟ و أي نهج و قد تحول التلال في ظل عشوائية (الكم) و غياب (الكيف) إلى حبحب على السكين؟
أين مخرجات نادي التلال؟
أين فئاته السنية؟
أين كشافوه؟
أين خطط الإدارة المستقبلية للنادي؟
* أما وقد أصبح التلال (ملطشة) حتى أمام الذين لا يسوون بصلة، و صار الأسد العجوز منزوع المخالب و الأظافر، من الطبيعي مراجعة الذات و إعادة غربلة الفكر الإداري البليد الذي جعل فريق كرة القدم عقيما، هدفه التفنن في تعذيب جمهور التلال و إصابته بخيبة أمل كبيرة.
* يستطيع الكابتن قيس محمد صالح و قد أضاع فجر ليلاه القول:
ماذا أفعل؟
جئت في مهمة انتحارية حبا في التلال، و لم أجد أمامي لاعبين تلاليين و لو من طينة الحواري، فكان لابد مما ليس منه بد الهرولة نحو (المهجنين) بإخضاعهم لنظرية حقل التجارب.
ماذا أفعل يا خبرة؟
هذه بضاعتنا، فكيف أعمل لكم من الفسيخ شربات؟
* و هكذا : أزمة التلال المستعصية أزمة عقول، فلست مستعدا لتكرار أسطوانة شحة الإمكانيات على طريفة إعلان الببغاوات الثلاثة، من هنا على التلاليين التدقيق في مرآة الواقع لا تهشيمها، و الإجابة عن أسئلة مشنوقة من طراز:
لماذا لم يعد ارتداء فانلة العميد أمنية كل لاعب؟
لماذا ينفر اللاعبون من التلال و يتجنبون اللعب له؟
لماذا لم تعد مزرعة التلال تفرخ و تنتج المواهب كي تتساوى عمليتي الاستيراد و التصدير؟
لماذا فص ملح التلال و ذاب و استسلم تماما لموسم الهجرة إلى الحواري؟
* عزيزي عارف يريمي : دعك من (علكة) الواقع و مبررات أخرى مقلية على زيت البكاء على الأطلال، فقط أسألك سؤالا واحدا يلخص حاضر التلال و مستقبله:
هل تستطيع إعادة التلال حيا كما كان فارسا لا يشق له غبار؟
إذا كانت لديك إجابة عملية مقنعة عن السؤال، فبقاؤك قابل للنقاش شريطة الكشف عن خريطة إحياء التلال مجددا، أما إذا كان وجودك على رأس إدارة التلال مجرد صيت و شهرة و تلبية لما يطلبه (الزناطون) في المهجر، فالأفضل المغادرة بماء الوجه، وباب منه ريح سده و استريح.