آخر تحديث للموقع : السبت - 14 ديسمبر 2024 - 03:07 م

مقالات رياضية


هزلية " المسؤول جدير بالمنصب، بس الذي حوله ”

الأربعاء - 09 أكتوبر 2024 - الساعة 06:37 ص

عبدالله الصعفاني
الكاتب: عبدالله الصعفاني - ارشيف الكاتب






لا يحدث مثل هذا التوصيف التبريري (المقلي) إلا في اليمن، حيث يكرر الناس بما فيهم بعض موجهي الرأي العام من المثقفين القول:

رئيس الجمهورية ممتاز، بس الذي حوله.

رئيس الحكومة أفضل مسؤول، ولكن الذي حوله..!

الوزير تمام، بس الذي حوله..

وهكذا ينتقل التوصيف إلى المؤسسات الرسمية والأهلية، وأولها الهيئات الرياضية..

والنتيجة ضياع كل قضية بين قوى إهدار الحقيقة.. هكذا يخرج العبث والإهمال والفشل من التهمة كما تخرج الشعرة المتجعِّدة من وسط العصيد.

* وأمامنا اليوم نموذج الاتحاد اليمني لكرة القدم.. الاتحاد المعني بتطوير أكثر الألعاب إثارة للنقاش والجدل، حيث يحاط رئيس الاتحاد بمجاميع هز رأس “بركاتك يا شيخ”.

والتوصيف التبريري الدائم “هو أجدع ناسن بس الذي حوله” توصيف يفضي إلى إصابة المراقب والناقد المتحرر من المصالح بالملل التام.

* وقد شاهدنا كيف تتحول الفرجة على المواقف منزوعة دسم النصيحة دائمًا إلى حالة هزلية رأيناها مرارًا وتكرارًا، كما حدث من ممارسات دفعت مدرب المنتخب الوطني للشباب محمد حسن البعداني إلى الانفجار بالشكوى من سوء المعاملة التي تعرض لها الجهاز الفني ولاعبو المنتخب من قِبل اتحاد كرة القدم رغم تأهل منتخب اليمن إلى نهائيات الصين 2025 التي تنطلق العام المقبل بمشاركة 16منتخبًا.

* بمجرد أن وقفت محركات طائرة الخطوط اليمنية، ودخل اللاعبون صالة المطار انفجر المدرب البعداني بشكوى مرة ضَمَّنها استقالته المصورة من مواصلة تدريب المنتخب الذي يقوده.

* ما الذي حدث.. وماذا قال البعداني في المطار وبعد المطار.. وما الذي كان يود قوله، أو حتى لم يقله..؟

أنا محمد حسن البعداني.. أقود المنتخب بلا عقد عمل، وعلى مدار المنافسة، لم نتلقَّ كجهاز فني ولاعبين، حتى اتصال تشجيع أو مؤازرة أو مباركة، فضلاً عن عدم صرف مكافأة الفوز ونحن ضمن أفضل 16 منتخبًا في القارة الآسيوية..!

* وعلى طريقته الصريحة، كشف البعداني عن إساءة الأمانة العامة لاتحاد كرة القدم والتعامل معه كمدرب.. ومما قاله الأمين العام حميد شيباني لم يكن يتواصل معي كمدرب إلاَّ عبر وسيط، متسائلاً عن أسباب الإهمال وإساءة المعاملة وحرمان المدرب ومساعديه واللاعبين من حقوق أصيلة في أدبيات الفيفا ولوائح اتحاد الكرة نفسه.

* ولأن البعداني ابن بيئته، كشف المدرب وهو يعلن استقالته تصريحًا وتلميحًا عن وقوعه هو الآخر في ذات المطب الذي يقع فيه الرأي العام.. فالمشكلة مع الأمين العام حميد شيباني، كما لخَّصها المدرب بقوله: “إيش بيني وبينه..؟” مشيرًا إلى أنه مستقيل من ساعته وحينه، وسلَّم الراية واللاعبين بوجه أبيض.. ثم أكمل الصورة في أحاديث استدراكية بالقول: علاقتي برئيس الاتحاد أحمد العيسي جيدة، ولكن “آه من اللي حوله..”.

* وهنا تجددت الملهاة اليمنية التي يتداعى بعضنا فيها إلى قوة عادة أن رئيس الاتحاد أحمد العيسى رجل خير ويدفع من كيسه رغم أن العيسي عندما وعد بتلافي تداعيات الشكوى لم يقل أكثر من أنه سيدفع حقوق اللاعبين عندما يتم استخراج المخصصات من الحكومة، غافلاً الحديث عن ملايين الدعم الدولي بالدولار، نافيًا بعظمة لسانه ما يشيعه البعض من أنه يدفع من كيسه.

* وأما قبل.. آه من كل مسؤول يرأس هيئة العبث وينام على التبريرات بأن من حوله هم السبب لأنه طيب بس اللي تحته.. هذه واحدة، فما هي الثانية التي عادها لما تكون..؟

جاءت تعليقات العيسي على ما حدث لتؤكد القول: عند كل عبث.. فتِّش عن المسؤول الأول، الشريك الأصيل في خروج المدرب البعداني عن طوره.. وخروج المرحوم سامي نعاش من الحياة نفسها.

* وكلنا نتذكر كيف مات المدرب سامي نعاش قهرًا على حقوقه الضائعة، والتي لم تصل إليه ولا إلى أولاده من بعده حتى الآن وفقًا لشكوى ابنه الذي اشترك فيه مع التماس الكهربائي البعداني الشيباني ليشتكي ابن البعداني مظلومية والده.. بذات حرقة ابن المرحوم سامي نعاش.

وهكذا يرث أولاد المدربين أسرار أوجاع آبائهمن وهو ما لم يحدث حتى في البلاد التي تركب الأفيال.

* والخلاصة.. تتكرر ذات الشكوى من أن رئيس الاتحاد يوجه وشيباني وباشنفر والمعنيين بالصرف يثابرون على وضع المدرب واللاعب في المتور الأقرب، لتطير حقوق الكفاءات مع دخان صاحب القرار الأول والذين حوله.

* وأما وقد تصدر المقال عنوان “فلان أجدع ناس بس الذي تحته”، فليس أقل من إغلاقه التأكيد على فساد العبارة اليمنية التبريرية السامجة، لأنه ما دام المسؤول الأول اختار أن يتصدر قائمة الهيئة التي يديرها، فإن عليه أن يحسن اختيار من يديرهم، ويوقف عبثهم، أو أن يترك موقعه لشخص قادر، ويتوقف عن أكل الثوم والبصل بفم “اللي حوله..!”

مقالي في صحيفة اليمني الأميركي