آخر تحديث للموقع : الأحد - 10 أغسطس 2025 - 07:29 ص

شؤون البلد


في الحرب وعلى اصوات القذائف والمعلا تحترق .. كانت هائل سعيد أنعم تذهب بالدقيق الى المنازل

الخميس - 07 أغسطس 2025 - 03:16 م بتوقيت عدن

في الحرب وعلى اصوات القذائف والمعلا تحترق .. كانت هائل سعيد أنعم تذهب بالدقيق الى المنازل

سعيد سليكة



كانت المعلا تحترق.
رصاص في كل اتجاه.
القذائف تنهال على الجدران، والميناء يحتضر…
وفي زاوية لا تلفت الانتباه، كانت مطاحن هائل سعيد تدور مثل قلبٍ لا يريد أن يتوقف عن النبض.

لم يكن في المصنع جنود.
ولا مدرعات.
كان فيه عمّال بسطاء، يعرفون أن توقّف العجلة يعني أن أطفالًا سيلتحفون الجوع الليلة.

وفي اليوم الأخير…
ذلك اليوم الذي سُجل في ذاكرة الأسمنت والحديد،
كانت القذائف تقترب،
ورغم ذلك، ظلّت الشاحنات تخرج،
وظلّ الدقيق يُوزّع بالمجان على أهالي المعلا،
كأن المصنع يعرف أن "هذا آخر يوم من الضوء… فامنحوا ما تبقى".

ثم سقطت القذيفة.

وما سقط معها لم يكن مبنى فقط،
بل إيمان صامت أن الخير يمكن أن يصمد في قلب الشر.

•••

انتهت الجولة،
لكن الحرب لم تنتهِ.
انسحبت المليشيات،
وبقي المكان صامتًا، محاطًا بالألغام،
والنوافذ تُراقبها فوهات القنص.

وفي فجرٍ خجول…
عاد العمّال،
واحدًا تلو الآخر، دون دعوة، دون ضمان، دون تأمين.

عادوا يمشون فوق الأرض المرتجفة،
كأنهم يعرفون أن خطواتهم ستصنع الخبز من الرماد.

لم يفكر أحدهم:
هل سأموت اليوم؟
بل فكر فقط:
هل هناك من ينتظر رغيفًا هناك؟
فإذا كان الجوع لا ينتظر،
فهم أيضًا… لن يتأخروا.

عادت الآلات تدور،
وعادت الحياة تُخبز.

لكن ما لم يكن في الحسبان…

هو أن الزمن الذي نسج هذه البطولات، سيأتي عليه يوم ويُلطّخها بالتهم.

•••

اليوم…
تُرمى هذه المجموعة بالحجارة.
تُوصف بالجشع،
تُسحب إلى وحل الأكاذيب…
كأن من كان في قلب النار لم يكن سوى ظلٍّ لتاجر طامع.

يا للعجب!

أي عقلٍ يُصدق أن من وزّع القمح بلا مقابل،
ومن دخل بين الألغام ليُعيد المخبز للحياة،
ومن أبقى مصنعه يدور في حضن الحرب،
هو ذاته من يُقال عنه اليوم "لصًّا"؟

•••

إن ما حدث في مطاحن المعلا
ليس مجرد موقف…
بل هو شاهد تاريخي صامت على معدن من قرر أن يكون مع الناس… لا فوقهم.

وإن هذه القصة،
ليست إلا نموذجًا صغيرًا من سلسلة طويلة من التضحيات قدّمتها مجموعة هائل سعيد أنعم،
التي ما فتئت تُطعِم، وتوظّف، وتُبقي شريان الاقتصاد حيًّا،
بينما يتفرغ الآخرون للتنظير، والاتهام، والكلام الفارغ.

•••

🔚 من السهل أن تُطلق التهمة،
لكن من الصعب أن تمشي خطوة واحدة في ممرٍّ ملغّم لأجل خبزة.

🖋️ فلتكتبوا ما شئتم،
لكن الحقيقة لا تموت،
والتاريخ لا ينسى…
أن هناك من صنع الرغيف من النار،
ثم كوفئ بالنكران.