آخر تحديث للموقع : الإثنين - 18 أغسطس 2025 - 01:39 ص
مع انعدام المنهجية والتخطيط السليم والعمل بعشوائية،
منتخبات للمناسبات فقط ومدربون يغتالون المواهب!
- التعصب والمناطقية بحاجة لوقفة جادة وفنيين يفكرون بوطنية.
الأحد - 17 أغسطس 2025 - 01:45 م بتوقيت عدن
✍️ مطر الفتيح
مع انعدام المنهجية والتخطيط السليم والعمل بعشوائية،
منتخبات للمناسبات فقط ومدربون يغتالون المواهب!
- التعصب والمناطقية بحاجة لوقفة جادة وفنيين يفكرون بوطنية.
- منتخبات الظل ضرورة حتمية للحفاظ على الروح والتنافسية.
- حشو مصطنع يرافق عملية الاختيار وغياب تام للرقابة والمحاسبة.
- استقرار المسابقات المحلية أداة يتحكم بها مصدر صناعة القرار الكروي.
- إصلاح الخلل ضرورة من القمة الصامتة حتى الفروع المهترئة.
- غياب البطولات المتعددة والمستمرة أثر سلباً على المنتخبات.
- تكرار المدربين في القوائم لا بد من علاجه والنظر لمن يستحق.
- تفكك النسيج الرياضي نتيجة للسياسات الخاطئة والمناكفات الطفولية.
ما الذي يصنعه مدرب المنتخب الوطني للناشئين من ذلك العدد الرهيب الذي استقدمه بتلك الكثرة في محافظات مختلفة من أجل التقييم والاختيار؟! وهل القناعات التي تولدت مع تلك العملية جعلت نصف العدد المختار من المحافظة التي ينتمي لها هذا المسير الوطني؟! هل تلك هي الطريقة الصحيحة والمثالية لانتقاء أفضل العناصر لتمثيل الوطن المختصر بمساحة التهمت البقية؟! وهل التزم هذا المدرب بالشروط والتوجيهات الاتحادية الداعية إلى الالتزام بسن معين وبوثائق ثبوتية إلى جانب الفحوصات الطبية المعتمدة؟!
للمرة الأولى نشاهد عكاً بحجة اختيار من يستحق بطريقة تجعلنا نقتنع أن التشكيلة النهائية تم اختيارها مسبقاً! وما يحدث مجرد مسرحية هزلية لتمضية الوقت والتلاعب بعواطف أبنائنا الصغار واستعراض العضلات؟!
ليست المرة الأولى التي يتم فيها إجراء اختيارات (ساندويتشية) بتلك الطريقة غير المنطقية .. قلة هم المدربون الذين كانوا أكثر مهنية وغاصوا بحثاً عن الجواهر في كل محيط جاذب، ولكن ليس بطريقة (أُريد وأشتهي) ! أنا المدرب ومن بعدي الطوفان!
غياب المنهجية
الخلل الاتحادي ما يزال قائماً دون بحث ناجع وفعال لعلاج الأسباب .. فالتخلي عن المنهجية والمهنية في اختيار المدربين أولاً يمثل مشكلة قائمة بحد ذاتها قبل عملية اختبار وانتقاء اللاعبين المثيرة للجدل في كل مرة .. فغياب البطولات المستقرة والمستمرة سبب رئيس لغياب العدالة والمساواة، إلى جانب إعادة تدوير ذات الأسماء حتى ولو رافقها الفشل والكثير من اللغط والأسئلة دون محاسبة وردع ومصداقية أمام الرأي العام!
إن معالجة مشكلة تراجع مهنية اتحاد الفوتبول المحلي في اختيار لاعبي المنتخبات العمرية تتطلب نظرة صادقة من أجل إصلاح شامل من الجذور .. فلا يمكن أن يتحقق النجاح المستدام في عالم المدورة الفسيح والساحر دون بناء منظومة متكاتفة ومتكاملة مهمتها تطوير المواهب وإعطائها حقها من التقدير، مع ضرورة الاستقرار في البطولات المتنوعة للدرجات المختلفة والفئات الغائبة تماماً! الحاجة ملحة أيضاً إلى توفر الكفاءات التدريبية المؤهلة والمتواجدة في الميدان قولاً وفعلاً وإنتاجاً .. يرافق كل ذلك الشفافية في الاختيار الصائب والسليم وتوضيح أسبابه، بالإضافة إلى التخطيط طويل الأمد بنظرة ثاقبة، وصبر على النتائج وفق دراسات وتصورات مقدمة ومدروسة .. تلك عوامل هامة تحدد مستقبل الكرة وتضمن ظهور أجيال جديدة من المواهب والنجوم القادرين على المنافسة وتحقيق الإنجازات للوطن.
ارتجال وعشوائية
إن الممارس حالياً عبارة عن ارتجال وعشوائية !! الأمر الذي يتطلب تغييراً شاملاً وفاعلاً في الجوانب الإدارية والثقافية المرتبطة بالكرة اتحاداً وعاملين ، وليس فقط في الجوانب التقنية أو الفنية التي يجب أن تتحلى بالموضوعية والحداثة .. وأن يتم حماية عملية الاختيار من التدخلات القائمة والمجاملات المستمرة .. فكلنا يعلم أن المنتخبات التي تتبنى هذه المنهجية هي الأكثر نجاحاً على المدى المتوسط والطويل على حد سواء، حتى لو لم تكن تضم أفضل النجوم لكنها تحتوي الأجدر على حمل المهمة وتحمل العبء الثقيل .. فالعشوائية ظاهرة مخيفة تمثل في المجمل مشاكل أكثر عمقاً في إدارة الكرة (فروعاً واتحاداً شاملاً).
لا يمكن القول إن الإصلاح رغم ذلك أمر مستحيل، دون اقتلاع العقليات الصلدة التي تعتقد أنها القادرة على استمالة الاتحاد مثلاً وكسبه في كل مرة .. المشكلة أشبه بفخ مخيف يزداد اتساعاً كلما طال الصمت .. فغياب البطولات على سبيل المثال ليس خللاً فنياً أو بسبب شح الدعم وتفكك نسيج المجتمع الرياضي جراء سياسات خاطئة ومتسرعة ومناكفات طفولية، بل هو أشبه بأداة يتحكم بها مصدر صناعة القرار الكروي، وإبقاء الأمر في يد شبكة ترى ما في صالحها دون أن تتلقى أي محاسبة .. والضحية علم ووطن ليس بمقدوره جمع الأفضل.
تراجع وأسباب
تعتبر عملية اختيار لاعبي المنتخبات الوطنية خاصة الناشئين والشباب حجر الزاوية من أجل بناء حاضر ومستقبل كرة القدم لأي بلد .. ورغم ذلك تواجه الاتحادات تحديات عدة تؤثر سلباً على هذه العملية الهامة، مما يؤدي إلى تراجع المنتخبات وتقديم مستويات متذبذبة ومواصلة السقوط في كل مرة.
يمكن إرجاع ذلك إلى تخلي تلك الاتحادات عن المهنية التي وُجدت من أجل تطبيقها وتنفيذ وعودها التي قطعتها .. عوامل كثيرة تقف في هذا الجانب كغياب المسابقات الكروية أو عدم استقرارها والاعتماد على أسماء محددة من المدربين في كل منعطف!.
لعل أبرز الصعوبات التي تواجه خطوة اختيار اللاعبين – كما تحدثنا سابقاً – يتمثل بعدم إقامة الأحداث المنتظمة .. هذا الغياب يؤثر بشكل كبير على توفير فرص حقيقية للاحتكاك المستمر والنمو المنهجي التدريجي، ما يعيق تطورهم - اللاعبين - وصقلهم فنياً وبدنياً .. وهو ما يعني عدم القدرة على تكوين فرق رياضية مستقرة ومتجانسة .. فلا تتاح الفرص الكافية للمدربين لمتابعة ومراقبة وتقييم اللاعبين بشكل مستمر .. إلى جانب عدم تبني برامج تدريبية شاملة ومعايير واضحة للاختيار تعتمد على الجدارة.
غالباً ما تفتقر هذه الاتحادات إلى لجان فنية متخصصة تتابع وتقيم المستويات بانتظام .. هذا الفراغ الحاصل يؤدي إلى قلة في المواهب الواعدة التي يمكن الاعتماد عليها مستقبلاً، ويجعل عملية الاختيار عشوائية مزاجية وغير منهجية.
نماذج نرجسية
إن الاعتماد على نماذج معينة ومحددة من المدربين، أو تغيير الكادر العامل باستمرار يعمل على تكرار ذات الأخطاء ويؤدي إلى عدم استحداث أساليب جديدة لتطوير اللاعبين .. فعندما يتم تعيين مدرب أو اثنان – ولا ثالث لهم إلا في النادر – للقيادة الفنية للمنتخبات لفترات طويلة، تتكرر الأفكار التدريبية ذاتها والخطط المنفذة، مما يسبب إعاقة في التنوع والتحديث والابتكار ويحد من فرص ظهور اللاعبين الذين قد يتوهجون تحت إشراف عقليات أكثر فاعلية وعطاء.
التغيرات المتواصلة ربما تؤثر سلبياً على أداء اللاعبين وثباتهم .. فكل مدرب مثلاً يحاول فرض شخصيته وأسلوبه في زمن قياسي، ما يؤدي إلى اضطراب ذهني عند اللاعبين وحاجتهم إلى وقت أطول لاستيعاب الأفكار الجديدة والتخلص من الأولى التي يرفضها بعض المدربين النرجسيين!.
حشو وتوجه مخيف
يمكن استخلاص العبر من طريقة اختيارات اللاعبين التي ينتهجها المدربون .. ويبرز في الواجهة الاستقرار على قائمة معينة مبنية على قناعات المدرب نفسه يغلب عليها التعصب والمجاملة، بدليل أن مدرب منتخب الناشئين الحالي اختار ما يقارب الـ 21 لاعباً من محافظة عدن، فيما القادمون من خارج المحافظات يتم اختيارهم وفق آلية تضمن عدم اختيار الأفضل حتى يتسنى إعادتهم سريعاً والاكتفاء بمن اختارهم هو بالكيفية التي يراها دون أخذ استشارة من مساعديه البعيدين عنه في رحلته ، باستثناء المرشحين من صنعاء لعدة اعتبارات قد تكون سياسية في المقام الأول!.
واحدية القرار هنا تصنع مدرباً متسلطاً .. شاهدنا كيف عاد لاعبو تعز المرشحين ثلاثة أو أربعة كانوا الأبرز من بين 11 مختاراً، أما البقية فكانوا عبارة عن حشو يسهل إعادتهم كمن سبقوهم .. فيما كانت أندية المحافظة تضم لاعبين ومواهب فذة تم التغاضي عنها بغرابة يسيل معها الكثير من الحبر !.. اختبارات تجري لدقائق معدودة يتم فيها تبديد موهبة صُنعت في سنوات ! ربما تتحقق هنا نظرية الكابتن محمود عبيد التي تتحدث عن اللاعب اللبني والشوكليتي !! وهكذا يتم الترشيح والاختيار وسط صمت غريب من قبل الاتحاد العام والفروع واللجان الفنية!
يعد غياب المعايير الواضحة والصارمة للاختيار، سواءً من حيث القدرات الفنية أو البدنية أو حتى الشخصية، ثغرة كبيرة تفتح الباب أمام ارتكاب الأخطاء المتكررة دون حرج .. فعندما تفتقر تلك العملية إلى ضوابط ولجان فنية متخصصة وأكثر وطنية، يصبح القرار الأخير عرضة للتأثر بالمصالح الشخصية أو الضغوط، مما يؤدي إلى تحقيق نتائج لا تعكس بالتالي المستوى الحقيقي للمواهب المنتقاة.
هذه الممارسات الخاطئة والارتجالية تقود إلى عواقب وخيمة على مستقبل الكرة، وتحديداً على المنتخبات العمرية الرافد الأساسي للمنتخبات الوطنية .. وما كان هشاً منذ البداية سيكون نتاجه ضعيفاً في النهاية.. فمن يُعدون حالياً عبارة عن منتخبات للمناسبات، خسائر من أجل التجميع والفرز ثم التسريح ببساطة ! طريقة لا تبعث الطمأنينة في نفوس اللاعبين وتؤدي إلى فقدان أجيال من المواهب الواعدة ورحيل المتواجدين الذين يشعرون بالخذلان نظراً لانعدام الثقة والأمان والتقدير وكذلك التخطيط السليم واحترام الآخر.
المحاسبة ومنتخبات الظل
لم نسمع أن الاتحاد العام لكرة القدم قد حاسب مرة مدرباً من المدربين على الإخفاق الذي كان هو شريكاً وسبباً فيه! ما يحدث أن الأمر مجرد إسقاط واجب من قبل قيادة الاتحاد وصولاً إلى المدرب، ولا مسئولية وطنية أو وطن في الموضوع! خلاصة يمكن استنتاجها مما يجري مرة بعد أخرى دون حياء.
تتم إعادة لاعبين متميزين تحت السن في كل مرة دون الاحتفاظ ببياناتهم، وعمل قاعدة بيانات خاصة بهم، من أجل تكوين منتخبات الظل الجاهزة التي من المفترض أن تتواجد لتحل مكان المنتخب المتجاوز والذي تم ترفيعه مثلاً ! مواهب أمثال نجم الصقر الموهوب كريم الدبعي تم التحجج بصغر سنه قبل عام، وعندما دقت ساعة الحقيقة لم يتم اختياره من باب الإنصاف ! فمتى سيأخذ حقه ؟! مواهب أخرى كنجم الأهلي محمد أمين، ومروان عارف، ومن التلال الأخوين محمد ومعتز خالد حامد، ومواهب كثيرة من مختلف النوادي المحلية، يتم قتلها من الداخل نتيجة العقليات التي تمسك بزمام الأمور دون تفكير .. أنا من أنصار تشكيل منتخبات الظل لكل فئة عمرية لأنها تحافظ على روح الحماس والجاهزية وتُخرج أفضل ما لدى اللاعبين من مهارات ونفسيات استعداداً للقادم.
في السياق أيضاً هناك أسماء وطنية لم تأخذ حقها من الاحترام والتقدير وتستحق قيادة المنتخبات، لا ينظر إليها بعين الاعتبار كون العين والقلب متجهين صوب المقربين والمرضي عنهم ! يأتي في مقدمتهم الكابتن نبيل مكرم، وعبدالله الكاتب، هيثم الأصبحي، شهيم النوبي، عادل سلطان، شوقي محمد حسن، نزار بامطيرة، سامي الشبوطي، بشير عبدالرحيم، وغيرهم من الشباب الذين لديهم بصماتهم وإنتاجهم في الميدان ثري وملموس .. لماذا لا يلتفت إليهم الاتحاد ولجانه الفنية؟! لماذا هذه النظرة الدونية للكوادر الشابة المتميزة التي لم تنل حقها بعد؟!
إصلاح القمة والقاع
مما سبق، لا يمكن اعتبار المشكلة في المدرب لوحده فقط، بل في نظام متراجع يبدأ من اتحاد غير قادر أو راغب في توفير أدنى متطلبات المهنية المطلوبة لإثبات وجوده .. إلى جانب غياب البطولات الرسمية أو التنشيطية، الأمر الذي يخلق فراغاً وسقوطاً في نفس الوقت .. والاتحاد هنا هو المسئول عن هذه البيئة غير الصحية التي أوجدها، والإصلاح كنتيجة حتمية يفترض أن يبدأ من القمة و القاع الذي تمثله الفروع المهترئة!.
الإثنين/18/أغسطس/2025 - 01:39 ص
الأحد/17/أغسطس/2025 - 10:17 م
الأحد/17/أغسطس/2025 - 10:05 م
الأحد/17/أغسطس/2025 - 09:34 م