آخر تحديث للموقع : الجمعة - 24 أكتوبر 2025 - 09:37 م

رياضة عربية

بين الانتقادات والطموح.. هل يستعيد بنزيما بريقه أمام الهلال؟

الجمعة - 24 أكتوبر 2025 - 12:44 م بتوقيت عدن

عدن سبورت - متابعات - كوورة

تتجه أنظار جماهير كرة القدم السعودية والعربية، مساء اليوم الجمعة، إلى ملعب "الإنماء" الذي يحتضن واحدة من أكثر المواجهات ترقبًا في الجولة السادسة من دوري روشن السعودي، حين يصطدم الهلال بالاتحاد في كلاسيكو ينتظر أن يحمل في طياته صراعات فنية وشخصية على حد سواء، أبرزها ما يخص المهاجم الفرنسي كريم بنزيما، الذي يجد نفسه أمام مفترق طرق جديد في مسيرته داخل الملاعب السعودية.

بالنسبة لبنزيما، لا تبدو مباراة الهلال مجرد مواجهة عادية في جدول الدوري، بل فرصة حقيقية لإعادة إثبات الذات وإحياء الثقة المفقودة. فالمهاجم الفرنسي الذي اعتاد التألق في المحافل الكبرى، يعيش واحدة من أصعب فتراته الكروية منذ انتقاله إلى الاتحاد، وسط موجة انتقادات متصاعدة من الجماهير ووسائل الإعلام.

ولم تعد جماهير "العميد" ترى في قائدها الفرنسي رمز الهدوء والحسم الذي اعتادت عليه الجماهير المدريدية، بل ترى لاعبًا يبحث عن ذاته وسط ضغط النتائج والإصابات المتكررة وتراجع الحصيلة التهديفية. لذلك، فإن مواجهة الهلال تبدو بالنسبة له بمثابة طوق النجاة، ومسرحًا قد يعيد له الهيبة التي افتقدها منذ مطلع الموسم.

انتقادات غير مسبوقة

عاش بنزيما خلال الأسابيع الماضية ضغوطًا كبيرة، بعد أدائه المتواضع أمام الفيحاء في الجولة السابقة، حين أهدر ركلة جزاء كانت كفيلة بمنح الاتحاد الفوز في اللحظات الأخيرة، ليكتفي الفريق بالتعادل الإيجابي (1-1). ذلك الخطأ كان كافيًا لإشعال غضب الجماهير التي حمّلت النجم الفرنسي مسؤولية نزيف النقاط، معتبرة أن مستواه لم يعد يتناسب مع مكانته أو راتبه الضخم.

وبحسب متابعين، فإن بنزيما بات أكثر لاعبي الدوري السعودي إهدارًا لركلات الجزاء، بخمس ركلات ضائعة منذ انضمامه إلى الاتحاد، وهو رقم أثار استغراب الجماهير بالنظر إلى دقته العالية في تنفيذ الكرات الثابتة خلال مسيرته السابقة مع ريال مدريد.

وفي مباراة الفيحاء ذاتها، لم يتوقف الأمر عند ركلة الجزاء، بل أضاع ثلاث فرص محققة للتسجيل، وفقد الكرة في ثماني مناسبات، لينال تقييمًا ضعيفًا بلغ 6.3 من 10، ويغادر الملعب وسط حالة من الاستياء العام.

إصابات تزيد المشهد تعقيدًا

زادت الأمور سوءًا بعد تعرض بنزيما لإصابة عضلية حرمته من المشاركة أمام الشرطة العراقي في الجولة الثالثة من دور المجموعات ببطولة دوري أبطال آسيا للنخبة، لتُثار التساؤلات حول جاهزيته البدنية قبل موقعة الهلال.

لكن الجهاز الفني بقيادة البرتغالي سيرجيو كونسيساو، بدا حريصًا على تجهيز اللاعب بأي ثمن، مدركًا أن وجوده داخل التشكيلة الأساسية يمنح الفريق ثقلًا معنويًا وخبرة لا يمكن تعويضها بسهولة، خاصة في المواجهات الكبرى التي تحتاج إلى شخصية قيادية داخل الملعب.

كريم بنزيماEPA

تاريخ لا يُكذب الأرقام

رغم الانتقادات، فإن التاريخ يقف في صف بنزيما حين يتعلق الأمر بمواجهة الهلال. فقد سجل النجم الفرنسي خمسة أهداف في خمس مباريات خاضها ضد الزعيم منذ قدومه إلى السعودية، بواقع ثلاثة أهداف في الدوري وهدفين في كأس الملك.

ولم يتوقف سجله التهديفي عند حدود الكرة السعودية، إذ سبق له أن زار شباك الهلال بقميص ريال مدريد في كأس العالم للأندية، وأضاف تمريرة حاسمة أخرى، ليحقق إجمالًا الفوز في ثلاث مباريات أمام الموج الأزرق مقابل ثلاث هزائم.

هذا السجل يجعل من مباراة اليوم فرصة ذهبية لإحياء العلاقة بين بنزيما والشباك، وربما بينه وبين جماهير الاتحاد أيضًا، التي تتطلع لرؤية النسخة "القاتلة" من مهاجمها المخضرم بعد فترة من الغياب عن التوهج.

سلاح الاتحاد الفعّال

لا أحد داخل الاتحاد يشكك في القيمة الفنية لبنزيما. فاللاعب، وإن غابت عنه الأهداف مؤخرًا، يبقى أحد أهم مفاتيح اللعب في كتيبة النمور، لما يملكه من رؤية ميدانية وقدرة على الربط بين الخطوط.

بنزيما ليس مهاجم منطقة جزاء تقليدي، بل عقل مفكر في الثلث الأخير من الملعب. يتحرك بذكاء لفتح المساحات، ويجيد صناعة اللعب كما يجيد إنهاء الهجمات، وقد أثبت في أكثر من مناسبة قدرته على خلق الفارق من خلال تمريرة واحدة أو حركة ذكية تجذب الدفاع.

وقد برز دوره بوضوح في الموسم الماضي حين قاد الاتحاد لتحقيق الثنائية التاريخية (دوري روشن + كأس الملك)، ليصبح رمزًا للتوازن التكتيكي في فريقه، وقائدًا فنيًا قبل أن يكون هدافًا.

قدوة داخل وخارج الملعب

يُجمع زملاؤه والمدربون على أن كريم بنزيما يمثل نموذجًا للاعب المحترف، سواء في التزامه داخل المعسكرات أو في توجيهه الدائم لزملائه الشباب. فخبرته الطويلة في الملاعب الأوروبية، خصوصًا مع ريال مدريد، انعكست إيجابًا على لاعبي الاتحاد الصاعدين الذين وجدوا فيه مثالاً يُحتذى في العمل والانضباط والهدوء.

وعلى الرغم من تراجع معدله التهديفي مقارنة بمواسمه الذهبية في أوروبا، إلا أن تأثيره التكتيكي لا يزال حاضرًا بقوة، خصوصًا في المباريات الحاسمة التي تحتاج إلى خبرة القائد، وهو ما يدركه المدرب كونسيساو جيدًا. فوجود بنزيما في التشكيلة يمنح الاتحاد ثقة إضافية، ويضفي على الفريق بعدًا نفسيًا ومعنويًا يعزز من فرصه في فرض إيقاعه أمام المنافسين.

كريم بنزيماEPA

عرض تركي يفتح باب التكهنات

في خضم هذه المعطيات، فاجأت الصحف التركية المتابعين بالكشف عن رغبة نادي فنربخشة في التعاقد مع بنزيما خلال فترة الانتقالات المقبلة.

وبحسب صحيفة "فوتوماك"، فإن النادي التركي يدرس ضم المهاجم الفرنسي لدعم خطه الهجومي في ظل ضعف الإنتاج التهديفي هذا الموسم. وأضافت الصحيفة أن عقد بنزيما مع الاتحاد ينتهي بنهاية الموسم الحالي، دون وجود مؤشرات واضحة على تجديده حتى الآن، ما يجعل انتقاله إلى تركيا خيارًا مطروحًا بقوة.

وكشفت الصحيفة أن رئيس فنربخشة، ساداتين ساران، اجتمع مع مجلس إدارته لمناقشة إمكانية التواصل مع وكيل بنزيما لمعرفة مدى رغبته في خوض تجربة جديدة، وهو ما قد يفتح باب التكهنات حول مستقبل اللاعب في السعودية، خاصة إذا لم تتحسن نتائجه في الأسابيع المقبلة.

كلاسيكو قبل العاصفة

على أرض الواقع، يدرك بنزيما أن مواجهة الهلال قد تحدد مصيره مع الاتحاد. فالفريق يدخل اللقاء وهو في المركز السادس برصيد 10 نقاط، مقابل 11 نقطة للهلال الذي يحتل المركز الخامس دون أي هزيمة.

وبعد أربعة أيام فقط، سيخوض الاتحاد مواجهة حاسمة أمام النصر في دور الـ16 من كأس خادم الحرمين الشريفين، ما يجعل مباراة اليوم اختبارًا مزدوجًا للمدرب واللاعب معًا، بين الحاجة إلى النهوض في الدوري والحفاظ على المعنويات قبل موقعة الكأس.

كلاسيكو الإنماء لا يقتصر على صراع النقاط الثلاث، بل هو معركة ثقة بين بنزيما ونفسه، بين الماضي المجيد والحاضر المليء بالضغوط. فإما أن تكون هذه الليلة بداية جديدة لمسيرته في السعودية، أو فصلاً آخر يقرّبه من الرحيل المحتمل نحو أوروبا.